5/28/2008

"اعطونا الطفولة"

ليس ما يؤلمني أكثر من رؤية ابنة خالي، وهي لم تتجاوز سنتها الرابعة، تقول، ببراءة الطفولة، وابتسامة المنتصر الظافر: "أنا خرجت الى الشرفة، هم يطلقون النار، لكنهم لم يصيبوني".

هذه الطفلة التي كان يفترض ان تكون في صفها، مع اصدقائها، تتعلم الكتابة والاغاني وتستمع الى قصص جميلة ينسجها خيال معلمتها، ها هي في المنزل، ككثيرين غيرها من التلامذة التي اغلقت الاحداث الاخيرة ابواب مدارسهم.

من حسن حظ هذه الطفلة – ومن حسن حظي انا - اننا لا نعيش في المناطق التي شهدت أعمال عنف. فبمَ كنت لاجيب لو سألتني من يطلق النار علينا؟ ولماذا؟ وماذا سيحدث؟ وهل سنموت؟...
من عادات الطفل ان يسأل كثيرا، اسئلة تتحول "مزعجة" حين يعجز الاهل عن الاجابة، خصوصا عندما تتعلق باسرار الوجود والحياة والموت.
لكن في حالتنا هذه، الاجابة أصعب. كيف تشرح لطفلة في الرابعة عن قتل الانسان للانسان، عن حروب الطوائف... كيف تشرح لها كيف يقتتلون باسم الله، وأنت طالما صورته لها بانه المحبة المطلقة؟ كيف تحكي لها عن ذاكرتنا المليئة بالكره والاحقاد... وعن ثقافة النسيان بالتراضي؟
ها هو جيل آخر ينشأ على صوت دوي المدافع ورشق الرصاص، على الاختباء في الحمامات وقضاء الليالي في الملاجئ... وها هو الحلم بقيامة الوطن على يد هذا الجيل يسقط كما تهاوت آمال كثيرة سابقا. ماذا يمكننا ان نفعل اليوم وغدا سوى رؤيتهم يكبرون ليعيدوا أخطاء من سبقوهم؟ ماذا نأمل غير أن يكونوا هم "خاتمة احزان" لبنان؟ وفي الانتظار، لا يسعنا الا ان نردد، مع الشاعر محمود درويش، بألم كبير، لكن بأمل أكبر: "تصبحون على وطن".

لوحة زيتية - يولاند نوفل



هناك تعليق واحد:

Entrümpelung wien يقول...

Dank den Themen .... Ich hoffe, mehr von den Themen